شعر شعبي عراقى معاصر الذى نُشَرت أولى قصائده سنة 1960م يختلف فى تقييده, وتدوينه عن شعر العامية فى البلاد العربية الأخرى, وذلك من ناحية رسم حرفى “القاف” و”الكاف”, فحرف”القاف” يُنطق فى العامية العراقية “جاف” ويُكتب كاف معقودة “گ” فوقها شرطة, وهذا يُحدث لبسا عند القارئ الغير عراقى, ويقول د. تركى الغنامى : ( مضى على ابتداع الجاف والكتابة به أكثر من خمسين سنة )1, أما بالنسبة لحرف “الكاف” فى شعر العامية العراقى المعاصر فاٍنه يُكتب جيم مثلثة (ﭺ) وينطق “تش”, وحرف الجيم المثلثة باٍضافة نقطتين للجيم لا يوجد فى الرسم العربى للحروف, ويوجد فى الأبجدية الفارسية والكُردية والأوردية, هذا اٍلى جانب أن حرف الجيم المثلثة فى مصر يُنطَق “جيم معطشة” ويأتى دائما فى الأسماء الأجنبية مثل “أوكسجين”, وظاهرة اٍبدال “الكاف” “شين” أو”تش” كانت موجودة فى اللغة العربية الفصحى عند بعض القبائل العربية فى نجد والحجاز قبل الاٍسلام ( فاٍبدال الكاف شينا يكون فى الشنشنة أمّا اٍبدال الكاف صوتا مزجيا متكونا من تاء وشين “تش” يكون فى الكشكشة )1, ومازالت الشنشنة والكشكشة موجودة للأن فى بعض مناطق الخليج واليمن والشام, والعرب الأقدمون الذين كان لديهم الكشكشة والشنشنة فى نطقهم كانوا يكتبون “الكاف” “شين”, والعراقيون عندما يكتبون بالعربية الفصحى فاٍنهم يكتبون حرف “الكاف” كماهو .
ومن أمثلة رسم القاف الأصلية فى الكلمة كاف معقودة “گ” ونطقها جيم غير معطشة, ورسم الكاف الأصلية فى الكلمة جيم مثلثة “ﭺْ” فى كتابة وتدوين شعر العامية العراقى المعاصر قول الشاعر العراقى الرائد صادق الصايغ فى مقطع من قصيدة “أغنية على الأعشاب”, التى كُتبت ونشرت سنة 1960م بالتزامن مع نشر قصائد عامية عراقية لسعدى يوسف ومظفر النواب :
يا كَمَر الانهار
خُيوطَچ عَبِير آذار
خيوطچ على كَلْبي
شَرَانِك من مطر
غزلن اِلَهْ أسوار
خيوطچ مطر اخضر
اغْرَكْ بِدَمعي يا كَمَرْ آذار )3
اٍن كتابة كل حروف “القاف” الأصلية فى كلمات هذا المقطع “كاف معقودة” مثل “كمر”, و”شرانك”, و”كلبى”, وكتابة كل حروف الكاف الأصلية فى الكلمة جيم مثلثة كما فى كلمة “ْخيوطچ” يحدث لبسا عند القارئ الغير العراقى, لأنه سيعامل “الكاف المعقودة” معاملة الكاف العربية فى النطق, ويعامل الجيم المثلثة معاملة الجيم العربية المُعَطَّشة فى النطق, أمّا لو كُتِبَ حرفى “القاف” و”الكاف” كما هما سيزول هذا اللبس, وبذلك يستطيع القارئ العربى أن يتواصل مع هذا المقطع الشعرى المبنى على التصوير الفنى الآسر المبتكر حيث تتحول أشعة ضوء قمر الأنهار اٍلى خيوط من العبير فى آذار / مارس, وشرانق من مطر تغزل أسوارا للقلب, وتتلون خيوط / أشعة القمر بلون العشب الأخضر, وفى النهاية يقول الشاعر “اٍغرق بدمعى يا قمر آذار” فتكون بداية الربيع فى شهر آذار هى بداية الحزن, ونلاحظ أن العراقيون فى عاميتهم مثل الشوام يضيفون همزة قطع “ألف” مكسورة قبل اللام المتبوعة بضمير الملكية كما فى اٍلَهْ بمعنى “له” واٍلىِ بمعنى “لى” واٍلَكْ بمعنى “لك” .
مثال آخر لرسم القاف الأصلية فى الكلمة “كاف معقودة” ونطقها جيم غير معطشة, ورسم الكاف الأصلية فى الكلمة جيم مثلثة “ﭺْ” فى كتابة وتدوين شعر العامية العراقى المعاصر قول الشاعر العراقى الكبير مظفر النواب فى قصيدة عامية بعنوان “مُو حُزِن .. لاﭼِن حزين”
مو حُزِنْ .. لاﭼِنْ حزين
مِثِلْ ما تنْـكِطِعْ
جُوّه المطر شَدّة يَاسَمِين
مِثِلْ صَنْدُوك العُرِسْ
ينباع خُرْدِة عِشِـكْ
من تمضي السنين
اٍنه كَتَلَكْ مو حزن
لاﭼِن حزين
مثل بلبل كعد متأخر
لَكَى البستان ﭼُلُّهْ بلاى تيِنْ
مو حزن
لاﭼِن أحَبَّچْ
من ﭼُِنْت يا اسَمْر جنين )4