ابو معاذ

يقع المسجد الأحمر في اسلام آباد ، على شارع رئيس يمر منه الأمريكيون والأوربيون يومياً ، للوصول الى مكاتب الدولة الرئيسية ، فيؤذيهم بمنارته الشامخة ، وبصوته المزعج { الله اكبر } ، ويضم المسجد مدرسة دينية {جامعة السيدة حفصة رضي الله عنها } تم بناء المسجد ايام الرئيس السابق الجنرال ضياء الحق ، وطلب الرئيس من مدير جامعة بن نوري تاؤن ـ أكبر مدرسة دينية في باكستان على الإطلاق ـ إماماً لهذا المسجد ، فأهداه المدير الشيخ عبد الله والد الأخوين الغازيين .


وبعد وفاة عبد الله تولى الإمامة ولده الشيخ عبد العزيز غازي ، و عُيّـِن شقيقه عبد الرشيد غازي نائبا له، وكثيرا ما صلى ضياء الحق في هذا المسجد في حياته.


أما جامعة حفصة فقد أزعج الرجل الأبيض ، بارتداء معلماته اللباس الإسلامي ، وطالباته الحجاب الشرعي، وهن يدخلن الجامعة أويخرجن منها، وتجاوز عدد طالباتها ثلاثة آلاف وخمس مائة طالبة، وللجامعة فروع نسوية تبلغ المئات في مدينة إسلام آباد ومدينة راولبندي الملاصقة لها.



وهدفت الجامعة منذ إنشائها إلى تطبيق شرع الله ، وتحقيق الهدف الذي انشئت باكستان من أجله، وانفصلت عن الهند بسببه، لتكون دولة تمثل الإسلام على أرض الواقع وتكون قدوة لبقية الدول الإسلامية في هذا التطبيق، وعلى الرغم من مضى خمسين عاما على استقلال باكستان لم تر نور التطبيق حتى هذا اليوم ، سوى محاولات من الجنرال ضياء الحق فيما يخص الحدود.



وما أن استولى الجنرال برويز مشرف على الحكم بانقلاب عسكري وطرد الحكومة المنتخبة ،حتى أخذ في تقريب الباكستانيين إلى القيم الغربية المنافية للإسلام ، وأعظم ذلك تغيير مناهج التعليم في مدارس الدولة، واجبار المدارس الدينة على تغيير مناهجها بالإغراء والترهيب بسبل متخلفة، فهو يعمل تحت ايجندة أميريكية، تأتيه الأوامر فينفذها، فجاء الأمر بتصفية جامعة حفصة فحدث ماحدث.


تدخلت طالبات الجامعة في مكتبة الأطفال التابعة للدولة القريبة من الجامعة ،فمنعت ارتياد بعض المنكرات كلبس القصير للفتيات، وشرب الدخان من المراهقين... ،وخطفت السيدة شميم التي كانت تدير مركز دعارة جوار الجامعة ، بعد نصحها مرارا بترك هذا العمل ابتغاء وجه الله ، أو نقل مركزها إلى حي يتلائم مع هذا العمل، كما تم اختطاف مواطنين صينيين وصينيات من مركز المساج الصيني ،فهو مركز مساج بالكبس والدلك في الظاهر ، ومركز دعارة لسكان إسلام آباد في الباطن.



وجل طالبات الجامعة لهن صلة بشهداء أفغانستان ، الذين استشهدوا لطرد الروس من ذلك البلد المسلم، فهن بنت الشهيد ،وأخت الشهيد، وزوجة الشهيد ،وحفيدة الشهيد، وعمة الشهيد وبنت خالة الشهيد ...، وأغلبهن طالبات الدراسات العليا في مرحلة الماجستير والدكتوراة ، في الجامعة الإسلامية أوالجامعة المفتوحة المتواجدتين على أرض إسلام آباد ، وتبنت الجامعة هؤلاء اليتيمات لعدم وجود اولياء امور يقومون بشؤونهن .



وقبل الحل العسكري النهائي جرت العديد من جولات المفاوضات ، بين المسؤولين عن المسجد والجامعة من جهة ،ووفد العلماء أو الوزراء من جهة الأخرى، وقبل بدء العمل العسكري بساعتين فقط ،توصل الوفد المفاوض من الوزراء و العلماء من جهة ،ومسؤولي الجامعة من جهة أخرى ،وتم التوقيع على وثيقة يلقي المسلحون السلاح بموجبه ، ويستسلمون أمام العلماء ووسائل الإعلام ،ويُؤمَّنُونَ على حياتهم ، ويحاكم من ارتكب جرما.



وطلب الوزراء اطلاع الرئيس على ما تم من الإتفاق للعلم فحسب ، فجاء الرفض الأميريكي أولا ورئيس باكستان ثانيا، وبدأت العملية العسكرية، وانتهت بتلك النهاية المؤلمة. فقدم الأمريكيون مساعدة مالية لحكومة باكستان بقيمة ثلاثمائة وثمانين مليونا من الدولارات الامريكية للقضاء على هذا الإرهاب ، وقد قرأ المشاهدون هذا الخبر على القنوات الإخبارية المتعددة .


وإن الشعب الباكستاني بجميع فئاته الدينية واللبرالية والعلمانية يتساءل أين ذهبت الطالبات اللائي بقين داخل جامعة حفصة ، طلبا للشهادة ، أو إكراههن على البقاء لِيَكُنَّ دُروعًا بشرية ، أمام هجمة الجيش الباكستاني؟ .


ولعل ثلاجة مستشفى بمز وأطباءه ،الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم يجيبون على هذا التساءل قائلين : وصلت ثلاثمائة وخمسين إلى أربع مائة جثة في الليلة الأخيرة من العملية ، يوم الإثنين ليلة الثلاثاء 9جولائي 2007م إلى الثلاجات، ووضعت الدولة الحراسة المشددة عليها، وإن كل الجثث كانت نسوية ، ملطخة بالدماء (صحيفة جنك اليومية الشهيرة عدد 14 جولائي 2007م .)


وقد صرح القاضي حسين أحمد زعيم الجماعة الإسلامية على قناة جيو الإخبارية ، أن الدولة أخفت ما بين أربعمائة إلى ألف جثة قتلتها في هذه المدرسة.


ومن القضايا الرئيسية التي تطلب الإجابة من المسؤلين الباكستانين: شًبّت الحرائق في كل غرف الجامعة دون استثناء ، واسودت جدرانها وسقفها كلها، إلا أن الكتب الموجودة في كل غرفة لم تصب بسوء على الإطلاق ، لم تحترق ولم تمسها شُعلةُ النار، لا بد أن النار عرفتْ أنها كتب دينية يجب عليها احترامها ؟ أو أن أمرا من المسؤولين صدر بإزالة الجامعة من الوجود ، دون المساس بالكتب الدينية ، لئلا يشتعل الشعب الباكستاني تجاه إحراق القرآن الكريم وكتب التفسير والحديث...



أظهر الجيش الباكستاني صواريخ وألغاما ورشاشات وصناديق من الذخيرة ، وإن المدرسة كانت وكرا من أوكار الإرهاب ، السؤال الذي يطرح نفسه لما ذا لم يستعمل المسلحون اسلحتهم هذه التي كانت بحوزتهم؟ وما زال الشعب الباكستاني ينظر إلى هذا العرض الذي قدمه الجيش لتبرير العملية العسكرية بعين الريبة ، وإن الجيش نقل هذا الجزء من سلاحه إلى المدرسة ، ويسند هذا الزعم التصريح الأخير الذي أدلى به عبد الرشيد غازي زعيم المسلحين قبل مقتله بساعتين فقط لقناة "جيو" الإخبارية ، وطلب من الصحفيين الدخول إلى الجامعة لأنه على وشك مفارقة الحياة ، للتعرف على حقيقة السلاح الذي يملكه المسلحون ، قبل أن تضع الدولة سلاحها في المدرسة ،وتنسبه إلى المسلحين، وإن سلاح المقاومين لا يتجاوز خمسة عشر كلاشنكوف فقط.



وكان بإمكان الدولة القضاء على هؤلاء المسلحين ، بقطع الماء والكهرباء والغاز والتموين الغذائي لمدة أسبوعين فقط ، فيستسلمون دون تردد ، فتسلم الأرواح البريئة ، ولا تحتاج الدولة إلى إراقة الدماء والقتل للأنفس المعصومة ، إلا أن ذلك لم يكن يلبي الرغبات الأميريكة.


عجبت لكتاب عرب لا يملكون خلفية حقيقة، لحكم الرئيس برويزمشرف، فيرون فيه المنقذ الحقيقي لباكستان


وأن عهده يمتاز عن حكام باكستان السابقين بأمور أهمها :



اولا: محافظته على استقرار باكستان في وجه أكبر هجمة إرهابية ضد بلاده ، فَلْيَعْلم هؤلاء الكتاب ، أن حدود باكستان الغربية لم تكلف الدولة فلسا واحدا منذ استقلالها حتى ما قبل عهد مشرف، لأن القبائل التي تقطن تلك المناطق تحفظ امنها دون تدخل من الدولة، أما اليوم فقرابة ثمانين ألف جندي باكستاني يتولى حفظ الأمن في تلك المنطقة، وتكَرُّرُ خروقات الناتو والأميريكين داخل حدود باكستان أمر معتاد ، فلا أدري أين الاستقرار؟


ثانيا:السماح بحريات التعبير الإعلامية والمنبرية المعارضة ... الخ، هل يعلم هؤلاء الكتاب:

أ/ إن استعمال المكروفون لِيُسْمِعَ من في خارج المسجد ، قد منع بأمر رئاسي منذ سنوات، بما في ذلك خُطُب الجمعة، فلا يسمح للمسجد أن يخرج صوته خارج جدرانه الأربعة ، فأين تضعون هذه القيد من حرية التعبير؟

ب/ ما ذا فعلت الشرطة وحاميات رينجرز حين كانت قناة "جيو" الإخبارية تبث مظاهر التجمع ، من المحامين وعامة الشعب ضد اقصاء رئيس القضاة ، وإني على يقين أن هؤلاء الكتاب قد شاهدوا المناظر التخريبية ، من الهدم والكسر وإرهاب العاملين في القناة في عاصمة باكستان، وإني لأسأل هؤلاء: إن كانت الدولة لم تستطع رؤية التجمع المعارض، فهل يمكن أن تسمح بحرية التكلم والتعبير؟


ج/في يوم 12 مئي 2007م قتل في مدينة كراتشي أكبر مدن باكستان على الإطلاق قرابة أربعين شخصا ، على يد القتلة (جماعة المهاجرين القومية) التي تسند حكومة الرئيس مشرف بنوابها ، في مظاهرة مؤيدة لرئيس القضاة، فقطعت الدولة البث المباشر داخل باكستان من العديد من القنوات الفضائية المحلية ... ، وفرضت الرقابة الجبرية على وسائل الإعلام كلها فلا تسمح بنشر شيء إلا بعد مروره عبر القنوات الرسمية قل لي بربك هل يمكن السماح بحرية التعبير من حكم لا يستطيع تحمل إراءة المنظر ويفرض الرقابة الجبرية .


د/قبل البدء بالعملية العسكرية بساعات ، لإزالة المسجد الأحمر وجامعة السيدة حفصة ،قدم محامو رئيس القضاة إلى لجنة المحاكمة أدلة دامغة، بأنه الدولة تتجسس على القضاة الذين يستمعون إلى القضية، وذلك بوضع آلات التجسس في مكاتبهم، فطلبت اللجنة من أحدمحامي الدولة الإجابة على هذه الأدلة، فبعد ليت ولعل لم يكن أمامه إلا الإقرار، وإرهاب القضاة الذين يستمعون إلى القضية بأنه يمثل الدولة، فاتخذ القضاة المؤقف الحاسم فأمروا بطرده وإلغاء رخصته وتغريمه مائة ألف روبية باكستانية، وكان ذلك ظهرا الإربعاء 4 جولائي 2007م.


ولإخفاء هذا الفشل في المرافعة القضائية ، وصرف انظار الناس عنه ، ولئلا ينكشف تأمر الدولة ضد استقلال القضاء ، أمرت حكومة الرئيس برويز مشرف بالإسراع في تنفيذ العملية العسكرية ، حتى تُسدل الستار على عوارها في المقاضاة.


ها هي اللجنة القضائية المكونة من ثلاثة عشر قاضيا أصدرت حكمها اليوم بإعادة رئيس القضاة إلى منصبه ، وأن التُّهَم الموجهة إليه غير صحيحة.


ثالثا:يقدم هؤلاء الكتاب وثيقة شرف لحكومة الرئيس برويز مشرف بنجاحاتها الإقتصادية ، وتقديم المعيشة الرخيصة للشعب الباكستاني ، رغم ارتفاع اسعار النفط العالمية ........



وإني أسأل هؤلاء الذين لا يعرفون حقيقة الوضع الاقتصادي المؤلم ، الذي يعاني منه 93% من الشعب الباكستاني، أما الأرقام الرسمية المعلنة فهي للدعاية ، لا تمثل الواقع على الإطلاق، وإليك بعض الجوانب الإقتصادية المؤملة ، ولك أن تسأل أي باكستاني عن صحتها.



1-تضرب البطالة أطنهابها داخل الشباب الباكستاني ، وتتجاوز نسبتها 37 % ، فمن أين يأتي الرخاء رغم وجود هذه النسبة الضخمة من العاطلين عن العمل ، مع أن جل هؤلاء يحمل الشهادة الجامعية.


2-لا يتجاوز دخل الفرد في باكستان دولارا واحدا حسب الإحصائيات العالمية، ودخل الأسرة الواحدة لا يتجاوز سبعين دولارا شهريا ، المساوية لـ 263 ريالا سعوديا ، أرجو أن يقوم هؤلاء الإخوة بتوزيع الدخل على النفقات الضرورية التالية ، التي لا يستغني عنها أحد من البشر ، علما أن الدولار الأميريكي الواحدة لا يتجاوز واحدا وستين روبية باكستانية.


أ/ الكهرباء مطلب رئيس لكل بيت ، وأقل فاتورة تأتي إلى أفقر أسرة لا تقل عن ثمان مائة روبية ، المساوية لخمسين ريالا سعوديا ، ويستهلك هذا الفقير من الكهرباء لمبتين أبو 100 شمعة ومروحة فحسب ، لذلك ترى الباكستانيين قادرين على شراء المكيف ، ولكنهم غير قادرين على سداد فاتورته. لأن تشغيل مكيفٍ واحد لست ساعات ليلا فقط ، سيأتي بفاتورة خمسة آلاف روبية ، المساوية لـ ثلاثمائة ريال.


ب/ فاتورة الماء لا تقل عن سبعمائة روبية لأفقر الأسر.


ج/ فاتورة الغاز لا تقل عن ثمان مائة روبية لأفقر الأسر.


د/ فاتورة التلفون الثابت لا تقل عن ألف روبية باكستانية ، وقد طالبت أنا شخصيا من مدير الهاتف في مدينة لاهور إبراز مكالماتي المحلية في الشهر الماضي ، فرفض وقال بالحرف الواحد :سنحمل كل هاتف ما بين مائتين وخمسين إلى ثلاثمائة مكالمة محلية :سواء تكلم بها صاحب الهاتف أو لا ؟ لذلك نجد الشعب الباكستاني يحاول الاستغناء عنه ، واستبداله بالجوال لمنع هذا النهب المتعمد.


هـ / يتجاوز سعر الليتر من البنزين ثلاث ريالات ونصف ريال من الريالات السعودية ، رغم أن تكلفته الانتاجية حسب المعلومات المقدمة من الدولة يقل عن ريال واحد، ويذهب المتبقي من سعر البيع إلى جيوب اصحاب الشركات الغربية كشركة "شل" وشركة بريتش بتروليم وشركة توتل ... ، الذين ينهبون لقمة الشعب الباكستاني مقابل فُتَاةٍ ضريبي يقدمونه إلى خزينة الدولة.


و/ قدم وزير الخزانة ميزانية 2007 - 2008 م في شهر جون الماضي بأنها ميزانية بلا ضرائب ، فكان المفروض أن تبقى الأسعار ثابتة ، إلا أنه حدث ا لعكس، ولك أن تسأل أي باكستاني أو باكستانية عن أسعار المواد التموينية اللازمة للمطبخ ، ما قبل جون الماضي وما بعده ، فقد كان سعر:


كيلو السمن النباتي في جون 2006م ثلاث وخمسون روبية وأما اليوم فمائة وخمس روبيات اما الزيت فلا يستعمله الا المترفون .


كيلو العدس في جون 2006م أربعين روبية وأما اليوم فثمانين روبية


كيلو الفلفل في جون 2006م مائة وعشرين روبية وأما اليوم فثلاث مائة روبية .

كيلو الكوسة في جون 2006م عشرين روبية وأما اليوم فأربعين روبية .

كيلو المانجو في جون 2006م خمسا وعشرين روبية وأما اليوم فخمس وأربعون روبية .

وقس على ذلك بقية المواد التموينية وارتفاع أسعارها، لعل الشيء الوحيد الذي يمكن عده رخيصا في حكم الرئيس برويز مشرف هو مكالمات الجوال التي لا تقدم طعاما للبطن ولا تروي عطشا للضمآن، هذا هو الرخاء الذي يقدمه الرئيس الباكستاني لشعبه.


فعلى الإخوة الذين يكيلون المحدح جزافا للرئيس برويز مشرف وحكومته ، أن يراجعوا معلوماتهم ويقدموا إلى الناطقين بالعربية معلومات صحيحة ، لا يعتريها شوائب مصلحية. اللهم أرنا الحق حقا وارقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.




كتبه
المشرف على موقع صوت الحق
د/ خادم حسين إلهي بخش
في: 20 جولائي 2007م



.
.
.

__________________
..




اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا





..

ضفيان

والله ان هذه الحادثة هي بداية النهاية