عندما كادت اوروبا أن تُسلِم !!!
مجلّة ليل - معروف الدواليبي
بنى الكهنة اليهود "دياناتهم" اليهودية على كتب التوراة فقط ، -- كما يقول نورمان جولب "استاذ التاريخ والحضارة في جامعة شيكاغو في كتابه "من الذيكتب مخطوطات البحر الميت؟" – وهي الكتب الخمسة الأولى من العهد القديم المعروفة بـ"سٍفر التكوين" و " سٍفر الخروج" و "سٍفر اللاويين" و "سٍفر العدد" و "سٍفرالتثنية" – مستبعدين كتب الانبياء من امثال "اشعيا".فما هي قصة "سفر أشعيا" الذي يُنسب إلى سيدنا عيسى عليه السلام ،وهل ورد فيه ما يبشر بقدوم آخر انبياء الله سيدنا محمد صلى الله عليهوسلم.؟وأين هو هذا "السٍفر" الآن؟؟العلامة الدكتور معروف الدواليبي ، وهو مستشار سابق فيالديوان الملكي السعودي روى المراحل المثيرة التي رافقت العثور عن "سِفر أشعيا" ومانتج عنها من احداث في غاية الغرابة.إكتشاف سٍفرأشعياعام 1953م اكتشفت في احدى المغاور فيجبال الاردن التي تبلغ نحو 600 مغارة وهي الامكنة التي كان يختفي بها المؤمنون قبلآلاف السنين .. اكتشفت مخطوطات دينية هامة. ومن هذه المخطوطات التي تم اكتشافها "سفر أشعيا" الصحيح بكامله، بينما المنشور في التوراة هو جزءمنه.وبعد دراسته ، اجتمع "الفاتيكان" لمدة اربع سنوات- من 1961 الى 1965 – وتبين ان لهذا "السِّفر تأثيراً جديداً على قواعد ومفاهيم المسيحيةبالنسبة للإسلام، فأصدروا كتيّباً دعوا فيه الى الحوار ما بين المسيحية والاسلام،ويثنون على الاسلام كدين ، ويأسفون لما سبق من خلاف بين الديانات ، ويطلبون نسيانالماضي ، وان يدخل المسيحي في حوار معالمسلم.وثيقة الفاتيكان الهامة :في السبعينات .. صدرت عن "الفاتيكان" وثيقة هامة. كانت بمثابة اعترافرسمي مسيحي بالدين الإسلامي، ولأول مرة، جاء فيها :( إن كل من آمن بعد اليوم بالله خالق السموات والأرض ، ورب إبراهيموموسى ، فهو ناج عند الله وداخل في سلامه ، وفي مقدمتهم : المسلمون ) .الفاتيكان يوجه الدعوة لعلماء السعودية للحوار بين المسيحيةوالإسلام :بعد صدور هذه الوثيقة، يقول الدكتور معروف الدواليبي وهو علامة واكاديميوسياسي معروف ومستشار سابق في الديوان الملكي السعودي وفي عهد الملك الراحل فيصل بنعبدالعزيز آل سعود يرحمه الله .. يقول :
بعد صدور هذه الوثيقة ، صدف ان كنا في موسم الحج معالمرحوم"الملك فيصل بن عبدالعزيز" في عام 1965م، عندما وجّّه "الفاتيكان" عن طريقإذاعته- نداءاً بالتهنئة بالحج وقضاء مناسكه الى الفيصل طيب الله ثراه والى الحجاجفرد الفيصل بالإذاعة على الإذاعة، محيياً هذه الروح الجديدة. ولم يلبث "الفاتيكان" ان سعى الى الدخول في حوار، والناس بين مصدّق ومكذّب، حتى وصلت الدعوة إلينا للدخولفي حوار معهم وزيارتهم، وذلك للتعاون:"فيما يتعلق بحقوق الانسان". وكنا ايضاً، فيكل مكان، مستغربين هذه الروح الجديدة.
ولما دعاني المرحوم الملك فيصل ليسألني رأيي فيالدعوة التي وجّهها "الفاتيكان" الى علماء المملكة ليزوروه من "اجل حوار وتعاون لايقصد منه البحث في اصول الدين". وانما التعاون على ما يأمر به الدين"بحقوقالانسان"، ألحيت على قبول الدعوة، فأمرني الملك فيصل بالتوجه الى "الفاتيكان" لكشفماذا وراء هذه الدعوة .
فذهبت بالفعل الى "الفاتيكان" وكان معي سفير المملكةفي روما، واجتمعنا بالكاردينال"بيمونوللي"، وزير الدولة في حكومة"الفاتيكان" فيمايتعلق بالعلاقات ما بين الاسلام والمسيحية، فعرفت ان الدعوة صحيحة وطيبة وانهميريدون التعاون ونسيان الماضي.
وكانت اذاعة الفاتيكان: تركّز في نشراتها علىالاجتماعات التي كنّا نعقدها على انني "مندوب" الملك فيصل يرحمه الله ، وعلى أننا "اتفقنا على مبدأ الحوار".
السفير الاسرائيلي يتدخل:وبعد 48 ساعة من معادرتي "الفاتيكان" طلب السفير الاسرائيلي في روما"مقابلة الكاردينال"بيمونوللي" مع انه لميكن بين "اسرائيل" و"الفاتيكان تمثيل دبلوماسي، وانما كان طلبه هو الزيارة "بإسمحكومة اسرائيل".
ماذا قال السفير الاسرائيلي للكاردينال :
" نطلب منكم وقف أي حوار بين "الفاتيكان" وبين "المملكة العربية السعودية" فرفضالكاردينال طلب السفير. وفي اليوم الثاني، عادالسفير وكرّر الطلب ورُفض طلبه.
... وهكذا على مدى خمسة ايام متوالية...!! اكثر منذلك، فقد بعث "البابا بولس السادس" برسالة إجلال واحترام الملك فيصل رحمه الله ،وراوياً له فيها ماذا جرى بين السفير الاسرائيلي في روما والكاردينال "بيمونوللي" من إصرار على عدم تحقيق"لقاء الحوار" بين الاسلاموالمسيحية.
ثورة داخل الفاتيكان :يومها، اعلنوا، اننا قمنا بثورةداخل"الفاتيكان" لماذا.؟لأنه ليس من التقاليد البابوية، ان يبدأ "البابا" الكتابة لأي رئيس دولة فقد جرت العادة، منذ القديم ، ان يتولى"البابا" الاجابة عنرسائل رؤساء الدول، لا ان يكون هو البادىء بكتابةالرسائل.
بدء الحوار :وقبل ان يبدأ الحوار بين علماء المملكة العربية السعودية وبين "الفاتيكان" صدر عن "مجمع الفاتيكان الثاني" كتيّب يقع في نحو 150 صفحة تحتعنوان"توجيهات للمسيحية من اجل الحوار بينهم وبين المسلمين". وذكّروا بأن المسلمين" ناجون عند الله عملاً بما اتخذته أعلى سلطة فيالفاتيكان".
وفي هذه الأجواء بدأت اجتماعات "الحوار الاسلامي- المسيحي" في "الفاتيكان" ثم ما لبث ان دعانا "مجلس الوحدة الاوروبية" -- بناءاً على قرار مجمع الفاتيكانالثاني – في ستراسبورغ ومن ثم لبّت المملكة الدعوة ايضاً التي وجّهت من "مجلسالكنائس العالمي" في جنيف، وايضاً من وزارة العدل الفرنسية، ثم من جمعية"الصداقة السعوديةالفرنسية".وكانت كل تلك اللقاءات تتم وفقاً لتلك الروح التيأعلنها"الفاتيكان"، والتي كان لها الدوي والتأثير العظيمين. فقد كانت هي المرةالأولى في التاريخ التي يذهب فيها وفد من المملكة العربية السعودية، بناءا على دعوةمن الغرب المسيحي "للقاء البابا" ومجلس الكنائس العالمي البروتستانتي الذي يقابلالكنيسة الكاثوليكية.وقف التنصير :بعد انتهاءاللقاءات المتعددة التي حصلت بين علماء المملكة وبين كبار مسؤولي"الفاتيكان" وفييوم مغادرتنا عاصمة"الكثلكة"، وقف الكاردينال "بيمونوللي" مخاطباً العلماء المسلمينبقوله:"لقد قررنا في هذا اليوم وقف التنصير الكاثوليكي في العالم الاسلامي. ونحننطلب منكم ان تعودوا الينا "بالبشارة".ذلك ان السيد المسيح عندما ودّع نبأهم انه ستأتي منبعده"بشارة" أي نبي يخبرهم بالحقائق. وقد جاء في"سفرأشعيا" ما يلي :
"بعد المسيح يأتي نبي عربي من بلاد"فاران" بلاداسماعيل- و"فاران" باللغة الارامية هي بلاد الحجاز، "وعلى اليهود ان يتبعوه،وعلامته انه ان نجا من القتل فإنه النبي المنتظر، لانه يفلت من السيف المسلول علىرقبته، ويعود اليها بعد ذلك بعشرة آلافقديس".
إنطباق ذلك على الواقع :وهذا ينطبق تماماً على الواقع: فقد جاءفي القرآن الكريم(يعرفونه-أي اليهود- كما يعرفونابناءهم):· فأعطى مكانه: بلاد اسماعيل- أي مكةالمكرمة.· اعطى صفته : يهرب من السيف المسلول على رقبته،وذلك عندما هرب ليلة المؤامرة التي حيكت لقتله، صلى الله عليهوسلم.· "ويعود بعشرة آلاف قديس". وقد عاد صلى اللهعليه وسلم الى مكة المكرمة بعشرة آلافمؤمن.فهذه النصوص واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار،ولذلك يعتبر ما صدر عن "مجمع الفاتيكان الثاني" في عهد "البابا بولس السادس" خطوةطيبة وجديدة.سر وفاة البابا ... والكاردينال :"ولكن مع الاسف" – يضيف د. معروفالدواليبي-، فإن "البابا" لم يلبث ان توفي في ظروف لا ندريها، كما توفي من بعدهبقليل الكاردينال"بينمونوللي" الذي كان صلة الوصل بيننا وبين "الفاتيكان". وبوفاتهما، اوقف الحوار بين الاسلاموالمسيحية.
اليهود ... اليهود :سُئل الدكتور"الدواليبي": - ألا تعتقدونبأن موت "البابا بولس السادس" الفجائي، ومن بعده بقليل الكاردينال"بيمونوللي" الذيكان صاحب فكرة"الحوار بين المسيحية والاسلام" كان من تدبيراليهود.؟فأجاب :عندما انفصلنا ، تواعدنا على ان تكون الندوة الثانية في الرياض،وفي هذه الفترة ذهب "البابا" وذهب "الكاردينال"... ولا اريد ان ازيد علىذلك!!.وسُئل الدكتور "الدواليبي":يتحدثون عن مواجهة حتميةستحصل بين الاسلام والغرب يكون وراءهااليهود؟فأجاب: الأب "مبارك" اللبناني الاصل، والمعروف بمشاعرهالطيبة، وهو من كبار رجال الكنيسة والاستاذ في "الجامعة الكاثوليكية" في باريس، نشرمقالاً في احدى المجلات العربية- وأنا احتفظ بنسخة منها- في ذات السنة التي لبّينافيها دعوة "الفاتيكان" الى حوار، يحذّر فيها من تأثير الصهيونية على "الفاتيكان"،ويؤكد بأن هناك"عناصر" داخل "الفاتيكان" ترده عن سياسته الجديدة- يومذاك-.لماذا لا يبشًرون بيناليهود:ويستطرد الدكتور الدواليبي قائلاً :"لقد قلت صراحة للكاردينال"بيمونوللي" في جلسة خاصة اثناءالحوار"انني احمل شهادة دبلوم في الحقوق الكنسية"، فدهش وقال : ان شهادة"الحقوقالكنسية لا تعطى ، الا لمسيحي ، فكيف حصلتعليها".؟فأجبته: بأنني نلتها من جامعة باريس"كدبلوماختصاص"، لا من "الجامعة الكاثوليكية" وانني في اثناء قراءاتي "للانجيل" و "التوراة" و"الكتاب المقدّس" بشكل متعمق، لم استطع ان افهم بعض النصوص التي جاءت في "الانجيل"، وهي عميقة الاشكال عندي، ولم اجد حتى الآن من اطرح عليه هذا السؤال،لانه سؤال عميق، ويجب ان يتمتع المسؤول الذي سيتولى الاجابة عليه بأعلى سلطة فيالكنسية، وهذه هي المرة الاولى التي اجتمع فيها مع الرجل الثاني في "الفاتيكان"،فهل تسمح لي ان اطرح السؤال؟".قال: تفضل.
قلت: لمن أرسل السيدالمسيح.؟قال: يادكتور، تقول انك تحمل شهادة في "الحقوق الكنسية". وأول شروط الحصول على هذه الشهادة ان يكون حاملها متعمقاً بدراسة الانجيل ، فكيفتسأل مثل هذا السؤال، وفي "الانجيل" الجواب الصريح والواضح الذي يقفز الىالعيون.؟قلت: "قول المسيح: انما أرسلت لخراف بني اسرائيل الضالة" اشكالي هو هذا ، وهي ان مهمة السيد المسيح كانت محصورة بالتبشير بين اليهود، فمامعنى انكم ترسلون المنصرين بين المسلمين ولا ترسلون منصِّرا واحداً الىاليهود؟؟."أضفت- والكلام لا يزال للدكتور الدواليبي- ان "اليهود" يتهمون السيد المسيح بأنه ابن زنا، وإن أمه السيدة مريم"زانية". ويؤكدون ذلك وهميعتبرون بأن لا ولادة من غير زواج.إما الاسلام : فقد طهّر السيدالمسيح، ودافع عنه، وقدّس أمه مريم العذراء وانها بمعجزة ولدت، وان المسيح ابن صحيحوليس ابن زنا. وعندما يقول السيد المسيح: انما أرسلت لخراف بني اسرائيل الضالة- أي- اليهود- فهو يعني ان المنصرين الذين تبثهم الكنيسة في اقطار العالم الاسلامي كانبجب ان يرسلوا الى اليهود لا الىالمسلمين".وماذا كانجوابه؟د. دواليبي: قال غداً سوفاجيبك."وفي اليوم التالي، اعلن قرار"مجمع الفاتيكانالثاني": ان "الفاتيكان" قرر وقف التنصير المسيحي الكاثولوكي فيالعالم"....وكان ذلك في يوم وداعنا لهم، وعودتنا الىالرياض..!!
صفحة جديدة 2