دول مجاورة رفعت الرواتب ولم ترتفع الأسعار لديهم كما لدينا
دول مجاورة رفعت الرواتب ولم ترتفع الأسعار لديهم كما لدينا
واقع :
الكاتب د. عبد القادر الحيدر يطالب وزارة المالية بإضافة بدل غلاء المعيشة إلى أساس الراتب لموظفي الدولة وكذلك المتقاعدين ؛ فالارتفاع لا زال مستمراً ولم تفلح التدخلات في كبح جماحه .
المقال :
عندما قفزت أسعار البترول منذ أربع سنوات صاحبها ارتفاع كبير في سعر السلع الغذائية، حيث قفز سعر الأرز أكثر من 70 في المائة، وكذلك كثير من المواد الاستهلاكية، فقد كان سعر عشرة كيلو من السكر عام 1428هـ لا يتجاوز 20 ريالا، أما الآن، وبعد ثلاث سنوات، فقد وصل سعره في الأسواق إلى 42 ريالاً. كما ينبغي الإشارة إلى عدم التزام التجار بتسعيرة الوزارة المبنية على سعر البورصة، فعلى سبيل المثال لا الحصر تجد أن تسعيرة الوزارة لـ50 كيلو من السكر هي 162 ريالا، ولكنه يباع بـ185 ريالا أو أكثر.
حسب آخر التقارير العالمية، الذي نشر في الاقتصادية، كانت نسبة الارتفاع في الأسعار قد وصلت 30 في المائة خلال السنوات الثلاث الأخيرة. فلا أدري لماذا وصل عندنا الارتفاع إلى قرابة 50 في المائة، إن لم يكن أكثر. هل هنالك استغلال من التجار المحميين بالغرف التجارية؟ أم غياب أي نوع من حماية المستهلك؟
فمنذ بداية الأزمة (قبل ثلاث سنوات) قام كثير من الدول النفطية، بل حتى غير المنتجة له، بزيادة رواتب موظفيها من 30 – 70 في المائة، إلا أنه في المملكة، وخوفاً من ارتفاع الأسعار، واستغلال التجار تلك الزيادة، قامت الدولة بتوصية من وزارة المالية، بوضع نسبة 5 في المائة زيادة سنوية كبدل غلاء معيشة حتى وصلت هذه السنة إلى 15 في المائة، ولكن لا تزال هذه الزيادة أقل بكثير من ارتفاع الأسعار، بل أصبح الراتب الشهري قد لا يكفي حتى إلى بداية الشهر (أي بعد نزول الرواتب بخمسة أيام) لدى صغار الموظفين وأصحاب العائلات الكبيرة.
ولا شك أنه كان لتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله (عجل الله شفاءه) قبل سفره للعلاج باستمرار بدل الغلاء الأثر الطيب في نفوس المواطنين المستفيدين، ولكن بعد ثلاث سنوات من تلك التجربة، كم كنت أتمنى أن يقوم الإخوة في وزارتي المالية والتخطيط بإعادة النظر في رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين، فالزيادة أصبحت مطلباً ملحاً، ولها كثير من المبررات الاقتصادية. فإذا كان الهدف من مبدأ الزيادة التدريجية (تحت مسمى بدل غلاء المعيشة)، التي هي في الواقع نصف معدل الغلاء السنوي العالمي، هو الحد من الرفع غير المبرر للأسعار، فإن ذلك المبدأ لم ينجح في كبت جماح ارتفاع الأسعار في هذا البلد، بل إن الدول المجاورة التي رفعت رواتب موظفيها بالطريقة التقليدية لا تزال الأسعار لديهم أقل منا كثيراً، فارتفاع السلع في كثير من تلك الدول مواز للارتفاع العالمي، حيث تجد أن كثيرا من المواد الغذائية، وقطع غيار السيارات أسعارها أقل كثيراً مما هو عليه في المملكة.
وبما أن سعر البترول لا يزال مرتفعاً، وليس هنالك أي دلائل لانخفاضه، كما أن أسعار السلع الغذائية أو حتى الكمالية لن ينخفض ما لم يستمر في الارتفاع، فقد آن الأوان بأن تكون نسبة 15 في المائة التجريبية في أصل الراتب بدلاً من أن تكون بدلاً مؤقتاً قابلاً للتغيير، وهذا القرار له مبررات علمية أيضاً، حيث من الطبيعي أن القيمة الشرائية للريال وغيره من العملات المتداولة ينخفض كل سنة حتى في الأحوال الطبيعية.
لماذا لا يُحَوّل بدل الغلاء إلى أصل الراتب؟ - د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر
صفحة جديدة 2