الحلم الإيراني ومشروع هدم الكعبة
الحلم الإيراني ومشروع هدم الكعبة
لا يخفي أكثر الساسة الإيرانيين التصاقاً بمشروع الثورة الخمينية المزعومة رغبتهم في جعل كربلاء قبلة للمسلمين عامة وشيعة أهل البيت خاصَة، وهذا ما قاله صراحة حسين موسوي أحد المقربين من الخميني الهالك بعد أن التقى بالأخير في اجتماع استثنائيّ أعقب عودته من منفاه، حينها صرّح إمامهم قائلاً: الآن نجحت ثورتنا، وبقيت أمامنا مهمة رئيسية وهي محو مكة والمدينة من الوجود، وجعل الناس يتوجهون إلى كربلاء المقدسّة في صلاتهم وحجهم!.
السعوديّة هي العقبة الكبرى التي تقضّ مضجع عمائم طهران، لأنها استطاعت طيلة العقود الماضية أن تحمي المقدسات الإسلاميّة، ووقفت عصيّة أمام مشروع المد المجوسي الطامح لإيجاد فوضى خلاقة تسعى لشق الصف العربي والخليجي، وعملوا على محورين أساسيين؛ الأول داخل المملكة ويظهر في محاولتهم لتأليب الشيعة السعوديين ضد الدولة، والثاني خارجي يتمثل في تنصيب حليفهم الحوثي على اليمن ليسهل فتح جبهة قتال جنوبي السعودية متى ما سنحت لهم الفرصة، أو على أقل تقدير كانوا سيستخدمونه كورقة ضغط من أجل تحييد المملكة عن القضايا العربية والإسلامية.
المحور الداخلي تمكنت المملكة من إجهاضه منذ أن نفّذت حكم القتل بحق الهالك نمر النمر الذي كان من أكثر قطع الشطرنج أهميّة للإيرانيين في لعبة المشروع الصفوي، كان النمر عراباً فكرياً لذلك المشروع النتن، وعولت عليه طهران كثيراً في تحريك شريحة شباب الشيعة لتنفيذ أعمال الشغب والتمرّد على السلطة، وكان قتله بمثابة قطع رأس الأفعى بعد أن منحته الحكومة السعوديّة فرصاً متعددة لاستعادة الرشد لكنه أبى إلا الاستمرار في تحقيق المصالح الإيرانيّة المتعارضة مع المصالح الوطنيّة.
أما المحور الخارجي، فإن عاصفة الحزم جاءت سريعة ومباغتة لتدقّ المسمار الأخير في نعش آمال الإيرانيين البائسة، لتؤكد تلك العاصفة بأن المملكة ليست جداراً قصيراً يمكن التسلّق عليه أو تجاوزه، ولن تسمح بإيجاد حليف استراتيجي لطهران بالقرب من الحدود الخليجيّة، ولن تقبل إطلاقاً بأن تصبح اليمن عراقاً آخر أو لبنانا جديدا في المنطقة، وهذا الخطر أدركته كذلك كافة دول الخليج التي باركت الخطوة السعوديّة، وأعادت حساباتها في علاقاتها البينية مع إيران، وكان لخطوة عاصفة الحزم تداعياتها الاستراتيجيّة ليس على المستوى الإقليمي فحسب بل وحتى الدولي، وأكدت بأن طهران لا يمكنها أن تتحوّل إلى قوة عظمى في المنطقة ما دامت المملكة يقظة وحازمة.
إيران في الحقيقة ليست مهتمة بالبُعد الإسلامي في مشروعها الاستعماري، لكنها اتخذت من الصراع التاريخي المفتعل بين السنة والشيعة ستاراً لتتمكن من التغلغل في المنطقة ذات النزعة الدينيّة، إذ لا سبيل للاستعمار لو كشفت بأنها تسعى لاستعادة إمبراطوريّة فارس البائدة، وحينها ستخسر أوراق لعب كثيرة تستخدمها اليوم في العديد من الدول العربية.
عندما قابل الرئيس الإيراني السابق أحمد نجاد البابا المسيحي في الفاتيكان لم يقدم له القرآن الذي يُعد كتاب المسلمين الأول، بل قدم له كتاب الشاهنامه الذي ألّفه الفردوسي، وهو من أكثر الكتب دعوة للقوميّة الفارسية وكرهاً للعرب، وحينها قال نجاد للبابا: تفضل هذا كتابنا!.
بقلم : أ . ياسر صالح البهيجان
ماجستير في النقد والنظرية
صفحة جديدة 2