خالد الفراج وكوميديا أمريكا... وجهاً لوجه
خالد الفراج وكوميديا أمريكا... وجهاً لوجه
مشاري الذايدي
المشهد الساخر، الذي عرضته شاشة «إم بي سي» عن الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، كان مالئ الدنيا وشاغل الناس طيلة الأيام الماضية.
حصد الفيديو التمثيلي الموجز، أكثر من 3 ملايين متابعة داخل أمريكا فقط، وتم تداوله بكثافة عجيبة بين الأمريكان عبر هواتفهم، ناهيك عن صداه الخارجي.
سكيتش، مدّته فقط دقيقة و9 ثوانٍ، لكن أثره بلغ الملايين، متابعة وتداولاً وتعليقاً وجدلاً.
قام بتمثيل دور الرئيس بايدن الفنّان السعودي (خالد الفراج) معه زميله الفنّان (وحيد) قائماً بدور نائبة الرئيس كامالا هاريس.
خالد لم يقل شيئاً غير معروف عن بايدن، سهوه ونسيانه وسرحانه، وخطأه في تحديد أسماء البلدان أو الشخصيات المقصودة في الحديث، فتارة يصبح الشعب الأوكراني هو الشعب الإيراني، وتصير نائبته هي السيدة الأولى.
الفنان خالد والفنان وحيد أتقنا الدور، بطريقة كوميدية طبعاً، والكوميديا تقوم مثل فن الكاريكتير على تضخيم وإبراز العيوب و«الديفوهات» الخاصة بالشخصية أو بالموقف.
هذا الأمر ليس جديداً على شاشة الـ«إم بي سي»، فقد سبق في هذا البرنامج الحالي، ستوديو 22 تقليد زعماء سياسيين أمثال رئيس الوزراء البريطاني، ورئيس كوريا الشمالية، كما سبق في هذه الشاشة، في برامج أخرى، تقليد شخصية الرئيس دونالد ترمب، وغيره من الساسة الغربيين والعرب.
لماذا أحدث سكيتش خالد الفراج وزميله وحيد على برنامج ستوديو 22 كل هذه الضجة الكبرى في أمريكا بوجه خاص؟
أظن أنَّ السبب المباشر هو إن الإعلام الليبرالي الذي هو الإعلام الأكبر حصة والأعلى هيمنة في أمريكا، لم يتناول عيوب شخصية بايدن، بنفس الإلحاح والكثافة والتتابع الذي كانت تفعله مع الرئيس السابق دونالد ترمب وقبل جورج بوش الابن، وهما من الحزب الجمهوري، رغم «وفرة» الإغراءات الكوميدية لتناول شخصية بايدن ونائبته هاريس!
البرنامج الشهير Saturday Night Live الذي يعرف بالاسم المختصر SNL، وهو مخصص لهذا النوع من الإسكيتشات، وكان ترمب وقبله بوش الابن، وجبة شهية ويومية لهذا البرنامج، وما من شك أن شخصية بوش وترمب مغريتان بالتقليد، لكن شخصية بايدن وغلطاته ومفارقاته ليست أقل إغراءً، فلماذا أهمله كوميديو الميديا الليبرالية؟!
هذا السبب الأول في ذيوع هذا الفيديو في ظنّي، والسبب الآخر، هو عامل المفاجأة من طرف الأمريكان من قدرات السعوديين غير المكتشفة، وأيضاً اعتقادهم غير الواقعي، بأن هذا المقطع هو بتوجيه سياسي مباشر، وهذا جزء من التصورات الغربية النمطية عن الفن والميديا السعودية والعربية، وهذا يعني في نظرهم وجود أزمة ثقة بين واشنطن البايدنية والرياض.
لكن هذه مبالغات مضخمة، والواقع أنه كما شرحنا سبق تقليد شخصيات رؤساء أمريكان وغير أمريكان، وعرب وغير عرب، فهل هذه كلها أتت بتوجيهات؟!
الأمر الأخير... هذا الفيديو الذي عمره دقيقة فقط و10 ثوانٍ... يكشف كم لدينا من القوى الفنية والثقافية الكامنة التي لم يتم تحريك مفتاح تشغليها... لماذا؟!
المقال نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط
صفحة جديدة 2
__________________