نظرية الفستق
منذ مدة جذبني العنوان و أنا أثق كثيرا بحدسي فكلما قرأت كتابا أقول سيكون كتابي القادم لكن في كل مرة يجذبني كتاب آخر إلى أن حان وقت نظرية الفستق . كتاب تنموي عبارة عن مقالات تعطي عدة أفكار لتغيير طرق التفكير .
من أكبر مشاكلنا هي نمط تفكيرنا و رؤيتنا للأمور وكيف ننشر طرق التفكير بين من حولنا .
عندما نقول تفكير أول ما يتبادر إلى أذهاننا هي شخصية الفرد . الشخصية موضوع تداوله وناقشه الكثير من الفلاسفة والمفكرين . شخصية الإنسان أمر معقد لا يخضع لقوانين الفيزياء هي مزيج بين عوامل وراثية و تربوية و بيئية إضافة إلى الزمالة والدراسة ثم ننضج و نصبح مسؤولين على الإضافات التي سنملأ بها وعاء شخصيتنا مع كل المكتسبات السابقة .
الإضافات هي مربط الفرس لأن المكتسبات الوراثية والتربوية والبيئية و..... هي أمور فرضت علينا ولا يمكن التحكم فيها قبل النضوج لكن بعد النضوج التام نصبح مسؤولين على أنفسنا وتصرفاتنا و طرق تفكيرنا وحتى المكتسبات السابقة يمكننا التخلص منها أو تعديلها أو تنقيحها لأن ليس كل المكتسبات جيدة وليس كلها سيء حتى الوراثية منها حسب علماء الوراثة والبيولوجيا الصفات النفسية هي نتيجة تفاعلات وافرازات هرمونية و الهرمون هو نتيجة استنساخ وترجمة مورثات فمثلا لو نرفع نسبة هرمون الادرينالين في جسم شخص عن طريق الحقن او التحفيز سوف يصاب هذا الشخص بنوبة إثارة او غضب غير مبررة من حيث الجانب النفسي والمورثات لا يمكن التحكم فيها وتغييرها لكن علماء النفس عارضوا هذه النقطة حيث رأوا العكس حيث ان الأزمات النفسية هي التي تؤثر على الجينات و الهرمونات لأنه أكدت بعض الدراسات البيولوجية والنفسية إصابة شخص بصدمة نفسية سواء فزع أو حزن ممكن تؤدي إلى داء السكري و نعلم ان سببه نقص او عدم افراز هرمون الانسولين وبالتالي هناك تأثير على المورثة المسؤولة عنه وهنا نجد أنفسنا اثبتنا عكس الحجة السابقة .
نحن هنا لا نحاول اثبات حجة على حجة او دراسة الجانب النفسي والبيولوجي على الشخصية إنما مادام هناك علاقة عكسية بين الطرفين فيمكننا ان نتحكم في احد الطرفين بالتأثير على طرف آخر ومنه يمكننا التحكم في مكتسباتنا الوراثية او تغييرها بعد النضوج طبعا لأن تغيير نمط تفكير ونمط معيشة تعودها عليه يحتاج الكثير من الوعي حتى نسبة الذكاء التي تعتبر وراثيا بشكل كبير يمكن تغييرها عن طريق التعلم والاجتهاد لن أقول يمكن الحصول على شخص عبقري ولكن يمكن رفع نسبة الذكاء كما يمكن زيادة الوعي بالقراءة والتعلم و البحث في قصص السابقين سواء القصص التي تتضمن قصص نجاح او فشل و أسباب كل منهما واكتساب بعض الأفكار . نقطة أخرى بالنسبة للمكتسبات التربوية والبيئية أعتبرها اصعب تغييرا من سابقتها لان الوراثية خلال تغييرها اواجه نفسي فالخصم و أنا واحد ولكن المكتسبات البيئية والتربوية انا اواجه المجتمع . كلنا لدينا بعض التحفظات حول ما هو سائد في مجتمعاتنا ولكن لا نتجرأ أبدا على عدم التطبيق او المعارضة بل نحاول كسب ود المجتمع او على الأقل السكوت على مضض .هنا لا أقول يجب علينا المواجهة او التمرد طبعا سوف ندخل في معركة خاسرة ولكن لسنا ملزمين بتنفيذ ما لا يقنعنا وليس كل ماهو سائد في المجتمع صحيح فمثلا ساد لفترة طويلة ضمن المجتمعات القديمة عدم تدريس البنات في كل المجتمعات ثم كسرت هذه القاعدة تدريجيا و صحيح اول من كسروها تعرضوا للكثير من المشاكل . لكن نحن في عصر كسرت فيه كل القواعد وان كسرنا بعض المفاهيم الخاطئة السائدة لن يحدث لنا ما حدث لسابقينا انما سوف نتعرض لبعض الألسنة لفترة ثم كل شيء سوف ينسى مع الوقت . الهدف هنا ليس التمرد وانما محاولة تغيير بعض المفاهيم السائدة التي تتعارض مع المنطق والدين فكثير من العيب يتعارض ولا علاقة له بالدين اكتسبناه من مجتمعاتنا فقط .
من بين الطرق التي يمكننا كسر بها العادات غير المنطقية والمغالطات التي نشأنا عليها و الطرق التي نغير بها النمط الوراثي الذي خلقنا به هي التربية للجيل القادم فأطفالنا هم صفحات بيضاء يمكننا أن ننشأهم بطريقة صحيحة او شبه صحيحة لانه كل شيء نسبي وماهو صحيح اليوم يمكن ان يتغير غدا ولكن يمكن ان نغير عيوب جيلنا ولا نكرر اخطاءنا بهم فمثلا ان كنا نتميز بنسبة ذكاء منخفضة او طبيعة عصبية نستطيع ان نرفع نسبة الذكاء عند الأطفال بتوفير قصص ملهمة ومعبرة ولها هدف مع جعل الأطفال يقصوها لنا بطريقتهم الخاصة لنرى الى أي نسبة وصلت اليهم الفكرة كما يمكن توفير العاب التركيز والذكاء والتركيب والتفكيك لهم اما بالنسبة للعصبية محاولة اعطاءهم مهام تحتاج صبر وهدوء . اما بالنسبة للالتزام و تحمل المسؤولية يمكن لنا كتابة نصائح وقوانين خاصة بالبيت سواء كانت تحتوي نصائح معاملاتية او مهام بيتية على أوراق وتعليقها في البيت مع محاولة التزام كل فرد بها . اما بالنسبة للالتزام الديني يمكن انتهاج مبدا القصة والحوار و القدوة وحتى كتابة الاذكار على أبواب الغرف لتكون على مرمى البصر.
سيقال لي كل ما ذكرتيه يصب في نقطة التغيير والتغيير الذي يبدأ بالنفس وهذا صعب جدا ويستغرق وقت و يحتاج قوة إرادة ومجاهدة نفس .كل هذا صحيح ولن اعارضه وشخصيا مررت بكل ما سبق فمنذ فترة بسبب ظروف تغيرت الكثير من الأمور في حياتي وتراكمت عليّ الأشياء والاعمال واصبح يغلب على شخصيتي القلق من كل هذا التغيير والتراكمات حاولت مرارا العودة الى سابقي عهدي ولكن صعب عليّ ذلك بسبب الضغط وفي كل مرة أفشل لكن في الأخير اهتديت الى تغيير فقط ابسط واسهل امرين الامر الأول غيرت توقيت النوم الذي تغير كثيرا بسبب الظروف السابقة و غيرت احد الاشغال المنزلية الخاصة رغم ان هذان الشيئين كانا ابسط واسهل شيء يمكنني تغييره ولكن تغير كل شيء بشكل تدريجي خاصة الحالة النفسي وتخلصت من القلق . لا أقول يجب ان نغير فقط توقيت النوم او شيء محدد لا بل القصد هو ان كل شخص يريد التغيير لا يحاول تغيير كل شيء في حياته بل يبحث عن اهم شيء يريد تغييره او ابسط شيء و تدريجيا سوف يحس بتحسن و بتغيير تدريجي .
الكتاب فيه عدة أفكار رائعة جدا و تحتاج منا وقفة لإعادة التفكير في كل ما هو حولنا
كتاب نظرية الفستق من بين أروع الكتب التي مرت عليّ ولم يخب حدسي
من هنا رابط
تحميل كتاب نظرية الفستق pdf