لا يجد الرئيس التركي حرجاً في طرق أي باب قد يعيد أوهام إمبراطورية أسلافه الغابرة حتى وإن كان السبيل مشهداً مسرحياً أو ادعاءً لا يخفى بطلانه على عين رقيب.
بلا حياء أو ذرة خجل وصف أردوغان ذات يوم قواته الغازية بالجيش المحمدي دعا الله بالتوفيق لهم ومدهم بالعون والفتح المبين مع الدماء والتشرد والخراب الحاصل أطلق أردوغان على العملية العسكرية جنوباً اسم نبع السلام فأي سلام هذا؟ وما سر استحضار هذا الدور التمثيلي في تبرير اعتداءاته على دول الجوار وما هو أبعد؟
على أمثال هذا النموذج وما يروجه من أحلام واهية يتكىء أردوغان في مشاريعه التوسعية وإثارة المشاعر القومية عبر الترويج لأسطوانة الظلم الذي أصاب بلاده كما يقول بعد الحرب العالمية الأولى.
يومىء لحزبه أن ينشر خريطة تركيا الكبرى التي تحتوي على دول كاملة مثل أرمينيا وقبرص وعلى أجزاء كبيرة من اليونان وبلغاريا وسوريا والعراق علّه يستجلب تحرشاتٍ عسكريةً قد تأتي بحرب محدودة يسعى إليها لحشد الجماهير والتلاعب بها وفق أهوائه.
لم يكتف أردوغان بما فعله في البلاد العربية على اختلاف أماكنها فعناصر المسرحية تبقى ناقصة الأركان فهذه البلاد مسلمة الهوية وضحايا نيرانه مسلمون عبر التاريخ من هنا كان بحثه في اتجاه آخر يحقق توفّر دين مغاير يُظهر الرئيس التركي كقائد مسلم يحارب كفار أثينا كما ينعتهم في خطاباته الشعبوية .
نسي أردوغان أو تناسى أن تاريخ الإسلام في اليونان يعود إلى أوائل القرن الثالث الهجري وأن عدد المسلمين فيها وصل إلى أكثر من ثلثي السكان قبل التهجير التركي فعبر ثلاثة آلاف عام سبقت عام 1922 كان الوجود اليوناني قائماً في الأناضول هُزم الجيش اليوناني وقتها فأنهت تركيا حضورهم عبر اتفاق وقّعته في لوزان السويسرية.
مع انكشاف تسلل أردوغان وحزبه إلى نفوس الناخبين عبر الدين يستذكر المتابعون ما ألحقه بعض المفتين من نبوة ترافق أردوغان وتتبع تحركاته، البعض جعل من مساندته فرض عين على كل مسلم أما الوقوف ضده فحرامٌ وأكثر.. أي عبث هذا؟ ومتى يقرأ الأتراك على أردوغان وأتباعه ما جاء في سورة "المنافقون"؟