لأن للأب الأثر الأكبر بأولاده -إلى جانب الأم طبعاً- فغالباً ما يُنظر إليه كقدوة لأطفاله، ربما أكثر ما يعبر عن ذلك قول الشَّاعر في أبيات
شعر عن الأب :
إذا كان ربُّ البَيتِ بالطَّبلِ ضَارباً فشيمةُ أهلِ البيتِ كُلُّهم الرَّقصُ
يُنسب إلى عبد الملك الأصمعي أنَّه يقول في تأثير الأب بأبنائه ودوره التربوي:
مَشَى الطَّاووسُ يوماً باعْوجاجٍ فقلدْ شكَّلَ مَشيتهِ بنوه (شكَّل: أي مشوا على شكل مشيته)
فقالَ عَلامَ تختالونَ؟ فقالوا: بدأْتَ بهِ ونَحنُ مُقلِدوه
فخالِفْ سيرَكَ المعوجَّ واعدلْ فإنَّا إنْ عدلْتَ مُعدِّلوه
أمَا تدري أبانا كُلُّ فرعٍ يُجاري بالخُطى مَن أدَّبوه؟!
وينشَأُ نَاشئُ الفتيانِ منَّا عَلى ما كَان عوَّدَهُ أبوه.
كما أنَّ لأبي العلاء المعري نظرة مشابهة، فالأصل السيء يعني فرعاً سيئاً!
ومَا فَسدَتْ أخلاقُنا باختيارِنا ولكِنْ بأمرٍ سبَّبتْهُ المقادِرُ
وفي الأصلِ غِشٌّ والفُروعُ تَوابعٌ؛ وكَيفَ وَفاءُ النَّجْلِ والأبُ غَادِرُ!
إذا اعتَلَّتْ الأفعالُ جاءتْ عليلةً -كحالاتِها- أسماؤها والمَصادِرُ
كذلك هو قول الشَّاعر محمود سامي البارودي:
وأنتَ ابنهُ، والفرعُ يتبعُ أصلهُ، ومَا مِنْكُمَا إِلّا جَوَادُ رِهَانِ
هوَ الأولُ السَّبَّاقُ في كُلَّ حلبةٍ وأنتَ لهُ دونَ البريةِ ثاني
كما أنَّ الحنان والحبَّ يتسرب من قلب الأب والأمّ إلى قلب الابن الذي سيصير أباً يوماً ما، يقول الشَّاعر أحمد سالم باعطب:
قالتْ: نَعِمَّا أبٌ في الناسِ يا أبتي، جَعلتَ دَربَ الهُدى للخَيرِ مَرْكبتي
وكَمْ حمَلتَ إذا ما النَّصرُ حالفني أزكَى الهَدايا وأغلاها لِتَهْنِئتي
وإنْ بعَثتُ إلى الأحلامِ أغنيةً أسرَجتَ قلبَكَ كي يُصْغي لأغنيتي
فقلتُ يا طفلَتي مَا تنعمينَ بهِ؛ ورِثْتُهُ عَن أبي الحَاني ووَالِدتي