أمانة جدة مظلومة
أمانة جدة مظلومة
وجّه الكثير - من المتحمسين نقاداً أو مواطنين- بوصلة الاتهام بـ اتجاه أمانة مدينة جدة، وأنّ هذا الجهاز كان فاسداً وخائناً ومتلبساً بتهمة التعمد في استشهاد أكثر من مئة روح ، وسبباً في خساراتٍ في الأموال والأنفس والثمرات ، من ناحيتي أصادق على الأقوال السابقة تجاه أمانة مدينة جدة ، ولكن كان بودي أن أطرح سؤالاً آملاً من القراء الكرام ان يتناقلوه بحثاً عن الإجابة فقد أعجز أن أجدها أو حتى يجدوها: أين كانت الأجهزة الرقابية الأخرى التي تعمل كجهاةٍ رقابية على الموارد المالية؟ وأين صُرفت الميزانيات التي تذهب لتلك الجهات ؟ خصوصاً أن هناك هيئةً للرقابة وديوان للمراقبة ، ناهيك عن المراقبين الماليين التابعين لوزارة المالية.
*ببساطة أعتقد أن ما حدث في جدة لا تتحمله أمانتها -التي ليس لها من اسمها نصيب- فقط بل جميع الأجهزة الرقابية الأخرى التي امتلأت مكاتب موظفيها ببقايا الجرائد التي تُفرش للفطور المليء بالبقول والبروتينات والذي لا يسمح حتى لثورٍ في غابة أن يمارس حياته بحيوية ، بل يتحول لبقرةٍ كسولة في مكاتب تُراقب الأسهم ولقطات اليويتيوب ، وتمارس لعبة البلوت الحديثة في حين - في الجانب الآخر- امتلأت جيوب رؤساءهم بالمال السائب الذي جعل منهم أسراباً من الطيور المهاجرة الى عواصم المتعة ، وكما قال صاحب المثل الجديد بعد كارثة جدة (ريال ماهو ريالك انفقه لو في بار)!
نعم وببساطة شديدة أمانة جدة ليست أمينة ولكن من تستر على خيانتها : هل هو أمين؟
إذا أرادت اللجنة التي أمر بها الملك -الإنسان -أن تدخُل الجنَّة بعملها فعليها أن تتعامل بواقعية متناهية وشفافية مطلقة مع ما حدث وأن تعالج الموضوع من جذوره أينما كانت تلك الجذور ضاربةً ، وأن تُراعي تلك الأمانة العظيمة التي أوكلها لها خادم الحرمين الشريفين أيّده الله.
ومادام محور حديثنا عن الأمانة التي ضاعت في جدة ، فإنني أتمنى ان تكون هناك لجان عاملة أخرى تبحث في ملفاتِ مدن ومحافظات المملكة الأخرى ، فقد تجد فيها ما يفوق فساد جدة لأن الأجهزة الرقابية أصبحت تحتاج -للأسف الشديد- رقابةً عليها لتؤدي عملها على أكمله.
*بعض الأمنيات :
*أتمنى أن يكون هناك عمل جاد من مجلس الشورى ، فقد مللنا من أسلوبهم الذي يجلب النعاس وأسئلتهم المُعتادة للمسئولين و التي لايتجاوز أثرها القاعة الفاخرة التي يدور فيها "النقاش"/ "السؤال"!.
*أتمنى من المسئولين التنفيذيين الذين يمارسون عملهم بكثير من البيروقراطية أن يخلعوا هذا الثوب الذليل ويبتعدوا عن أسلوب التخويف والمؤامرة الذين يلجأون له عندما يُحاول مسئولاً آخر – صالحاً- أن يطرح رأياً فيه خدمةً لدينه ثم وطنه وحكومته.
*أتمنى أن أرى وزيراً لديه كرامةً فيستقيل عندما ترتكب وزارته خطأً ضد الوطن والمواطن وأن لا يُخفي رأسه كالنعامه بحجة أنه شخصياً لم يُخطء.
*أتمنى أن يكون هناك تغييراً للأنظمة البالية في الخدمة المدنية والتي أسهمت في تجويع المواطن ومساوات المجتهد بالخامل.
*أتمنى وأتمنى و أتمنى وأتمنى.. ولكن تبقى تلك أمنيات فقط إلاّ إذا سخر الله من يعمل للوطن والمواطن وليس لنفسه.
سؤال أخير (ما الفرق بين من يفخخ مركبة ويتجه بها لمكان يقطنه الناس ثم يفجرها ليهلك من يهلك. وبين من يتعمد بشكل آخر ويجعل المواطن في اقرب طريق للموت ويصادر منه إمكانية الحياة ثم يحمله المسئولية, آلا يستويان في الصفة ؟؟ فكلاهما مارس القتل بطريقته )!!!
بقلم : محمد المعدي
صفحة جديدة 2
__________________