براكين الحجاز / علي عدنان عشقي
تقدر مساحة الحرات (اللابا) المنتشرة على طول الجانب الغربي للملكة العربية السعودية بحوالي 70 ألف كيلو متر مربع, ينتشر منها ما مقداره حوالي 30 ألف كيلو متر مربع على جانبي خط الهجرة الممتد ما بين مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة أكبر هذه الحرات التي تقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة حرة رهط التي تزيد مساحتها على 20 ألف كيلو متر مربع وبها أنواع مختلفة من البراكين تزيد عدد فوهاتها على 700 فوهة بركان معظمها مرشح للثوران خلال المئة عام القادمة, حرة خيبر أيضا تعتبر من أكبر الحرات التي تنتشر في الحجاز حيث تبلغ مساحتها حوالي 21 ألف كيلو متر مربع وبها حوالي 400 فوهة بركان والبعض من هذه البراكين مرشح للانفجار في خلال سنين قصيرة قادمة!, وهذه الحرات على نوعين: النوع الأول: نوع قديم جدا بدأ تكوينه في عصر الأليجوسين Oligocene period أي منذ حوالي 40 مليون عام تقريبا, وتكوين هذه الحرات في هذه الفترة مرتبط ارتباطاً وثيقاً مع تكوين البحر الأحمر, الذي تكون في نفس الحقبة الزمنية, و جميع براكين هذا النوع خامدة تماما وحرات هذه البراكين اختفت معالمها تحت وطأة عوامل التعرية. أما النوع الثاني من الحرات فقد تكون في الفترة ما بين عصري البليوسين والميوسن أي منذ حوالي عشرة ملايين سنة تقريبا وهي موجودة حتى يومنا هذا ومن أحدث أنشطتها ما يدور الآن في حرة الشاقة (Lunayyir) في مدينة العيص, ويعتقد الكثير من خبراء الجيولوجيا وعلى رأسهم سعادة الدكتور روبول (Dr. Roobpl) الذي درس وتعامل مع حرات الحجاز لفترة تزيد على العشرين عاما وله العديد من الأبحاث في هذا الصدد وهناك أيضا الكثير من الخبراء الأجانب الذين ندين لهم بالكثير في هذا الشأن, وأقول في هذا المقام وا أسفي على مخرجات جامعاتنا ومعاهدنا العلمية في هذا الشأن! فكم كان وطننا معطاءً كريما وكم كنا جاحدين لهذا العطاء؟ فأين جامعاتنا مما يدور في العيص! التي لا هم لها اليوم سوى البحث عن ترتيب مشرف بين جامعات العالم بأي طريقة وأي ثمن!! ما علينا دعونا نعد لما يعتقد به الخبراء الأجانب عن نشأة النوع الثاني من هذه البراكين, يعتقد الدكتور روبول أن نشأة هذه البراكين تعود إلى خسف (أخدود) Rift حدث على طول المنطقة الغربية, شبيه بالخسف الذي حدث في شرق القارة الأفريقية الذي يعرف بوادي الصدع (الخسف) العظيم Great Fift Valley, ويعتقد الكثير من خبراء وعلماء الجيولوجيا, أنه خلال الخمسة ملايين عام القادمة سيتكون على طول هذا الخسف في المنطقة الغربية للمملكة العربية السعودية بحر آخر شبيه بالبحر الأحمر!! وأنا أتفق تماما مع رأي الدكتور روبول في نفي العلاقة بين نشأة البراكين على طول القطاع الغربي للمملكة العربية السعودية وبين نشأة وتمدد البحر الأحمر ويؤيد هذا الرأي ثلاثة أمور هي كالتالي:
الأمر الأول: أن اتجاه هذه البراكين يمتد على طول خسف (أخدود) يمتد من الحدود اليمنية في الجنوب مرورا بالقطاع الغربي في المملكة العربية السعودية مرورا بالمملكة الأردنية وحتى سوريا شمالا في اتجاه محوري واضح هو اتجاه من الجنوب إلى الشمال, في حين أن الاتجاه المحوري للبحر الأحمر هو شمال غرب, فلو فرض أن هذه الحرات (النوع الثاني) متعلقة بما يحدث من تمدد وتباعد الصفيحة العربية عن الصفيحة الأفريقية لكان محور هذه الحرات مشابهاً لمحور امتداد محور البحر الأحمر أي يكون اتجاهها شمال غرب, ولكن هذا لا ينفي تأثير تمدد البحر الأحمر غير المباشر على هذه الأنشطة البركانية وهذا ما سأوضحه لا حقا.
الأمر الثاني: الذي يؤيد هذه النظرية هو عدم وجود حرات مشابهة على الجانب المقابل لحرات الحجاز في كل من مصر والسودان, وتواجدها فقط على طول الصدع الأفريقي العظيم في كل من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا, التي في رأيي الخاص ترتبط ارتباطا وثيقا بالحرات والبراكين المنتشرة على طول غرب الجزيرة العربية.
الأمر الثالث: هو امتدا هذه الحرات شمالا حتى سوريا يوضح بالدليل القاطع أن نشأة هذه الحرات ليس لها أي علاقة مباشرة بتمدد البحر الأحمر!! وسأوضح لا حقا العلاقة الوثيقة غير المباشرة بين تمدد البحر الأحمر والأنشطة البركانية في الحجاز خاصة الأنشطة البركانية التي تحدث الآن في مدينة العيص.
ولكن ما هو السبب وراء الأنشطة البركانية التي حدثت في العصر الجيولوجي الحديث في الحجاز وكان آخرها ما يدور الآن في مدينة العيص. الأمر يا جماعة أكثر تعقيدا وخطورة مما نتصور وكأن المدينة وجدة ومكة وينبع والوجه وضباء وتبوك وليس العيص فقط ستعاني ما تعاني منه العيص, فتخيلوا يا ناس أن هناك أكثر من ألف فوهة بركان تنتشر فقط بين مكة والمدينة في حرة تزيد مساحتها على 30 ألف كيلومتر مربع, بعض فوهات هذه البراكين لا تبعد سوى بضع كيلومترات عن المدينة المنورة, وبعضها لا يبعد كثيرا عن جدة ومكة, لنا لقاء إن شاء الله أوضح فيه ميكانيكية حدوث البراكين والزلازل على طول المنطقة الغربية وحتمية انفجار براكين حرة الشاقة بمدينة العيص عاجلا أم آجلا, وهذا رأيي ومن كان عنده رأي آخر فليطرحه على بساط الحوار!.
علي عدنان عشقي
جريدة الوطن
صفحة جديدة 2
__________________
[