قويزة تتذكر أطول ساعة فيضان في تاريخها والنجمي يدافع عن عروسه ضد هجمة السيل
ساعة ونصف الساعة من القلق والترقب وانتظار الموت، عاشها سكان حي قويزة الشعبي، صباح أول من أمس. كثيرون أخفوا حكاياتهم بين أضلعهم، ربما لأن وقت الحديث لم يحن بعد، فأغلب الأهالي لم يفيقوا بعد من آثار وتداعيات وتفاصيل أطول ساعة مرت عليهم، لكن العريس يحيى النجمي وعروسه سيمضيان وقتا طويلا قبل أن تطوي الأيام ما حدث لهما صبيحة الأربعاء، في يوم العواصف والفيضان والمطر.
يقول النجمي وهو يستجمع أنفاسه «دهمت السيول غرفة نومنا في الصباح الباكر، استيقظنا على هدير المياه وهي تحاصر كل شيء، لحظات قليلة وارتفع منسوب الماء إلى أكثر من مترين، استرجعت في ثوان لحظات فرحي، أحسست أنها النهاية الحتمية، قررت البقاء حتى آخر لحظة لافتدي رفيقة دربي، صحيح أنني مجيد وهاو للسباحة تحت أسوأ الظروف، كيف لفارس مثلي أن يترك كل شيء لينجو بنفسه؟ بقيت في الغرفة الغارقة لأكثر من ساعة، ظننت أن الأمور تمضي على ما يرام فسبحت في اتجاه نافذة الغرفة بحثا عن طوق نجاة أو مخرج طوارئ لتتدفق مياه السيل مثل السهم إلى غرفتي. في لحظات وجدت نفسي وزوجتى في بر الأمان بعد أن كتب الله لنا حياة جديدة.. وسعيدة».
تختلف حكاية علي المدخلي عن زميله في الحي المنكوب، إذ ظل شاهدا على ضحايا جرفتهم حدة التيارات المائية، وعلى مركبات فارهة غاصت في الطين والوحل، منازل شعبية ذابت تحت وطأة السيل الجارف. يتذكر المدخلي «انتشلت مع آخرين جثثا لضحايا قادتهم الصدف إلى التواجد في بطن وادٍ مغمور لم يكن أحد يعرف مخاطره، كانت المركبات والسيارات الغارقة أشبه بمصائد وشباك تصطاد كل من يقف أمام طريقها، رأيت امرأة تحاول الإمساك بصغيرتها، وتدخلنا جميعا في إجلائهما من منطقة الخطر. في لحظات قليلة تحول داري إلى بحيرة صغيرة ولم يكن من سبيل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه غير طرق أبواب الجيران وإعلامهم بالخطر المحدق بهم، لا سيما أن أغلب السكان كانوا نائمين ساعة الدهم».
يقول المدخلي إنه ورفاقه في الحي كانوا أمام تحد كبير؛ إجلاء السكان وإبعادهم من منطقة الخطر وإيقاظ النائمين وحثهم على النجاة بأرواحهم، والإطمئنان على سلامة الناجين، وهو الأمر الذي دفع علي المالكي إلى الاستبسال في حماية جيرانه، يقول الرجل «كان المشهد أمام منازلنا أشبه بالأفلام السينمائية المرعبة، إعصار عنيف يضرب كل شيء، ينشر الدمار والحطام في كل مكان، ظللنا حتى الساعة العاشرة مساء معزولين في منازلنا، وزاد انقطاع التيار الكهربائي الأمر سوءا».
عائلة حسن الشهري التي كانت تتناول وجبة الإفطار لا تعرف كيف خرجت من حصار السيل، واضطرت الأسرة للاعتماد على خبراتها في السباحة للوصول إلى منطقة آمنة كتبت لهم حياة.
صفحة جديدة 2