يوم العيد أكلنا دجاجة للدكتوره/ فاطمه بنت محمد العبودي
كان لعيد الأضحى عند الأطفال في ما مضى إثارة ومتعة، تبدأ بمراقبة الخروف ومداعبته عند إحضاره قبل العيد بيومين أو ثلاثة، كما أن لذبح الخروف طقوساً يشهدها الصغار والكبار، حرصاً من الكبار على أن تترسخ الصورة في أذهان الصغار ليستمر تطبيق هذه الشعيرة العظيمة جيلاً بعد جيل، وقد يعتبر البعض حضور الأطفال ذبح الخروف من مظاهر العنف التي قد تسبب مشاهدتها أذىً نفسياً للأطفال، لكن من الممكن تلافي ذلك بمعرفة قصة هذه الفريضة وأن الذبح تقرب واجب لله تعالى، وقد كنا نحضر الذبح منذ صغرنا ولم يؤثر سلباً فينا بحمد الله.
ولا يقل احتفال الشواء إثارة عن احتفال الذبح، بقيام كل طفل بشواء نصيبه من اللحم أو الكبدة وما يرافقها من مرح وتسابق على مكان الشوي، ما يجعل لطعم قطعة اللحم مذاقاً لا يعادله طهي أمهر الطهاة.
ذلك المخزون من الذكريات الجميلة الذي أحمله عن عيد الأضحى المبارك بعد تكراره أمامي طوال سنوات الطفولة ثم المراهقة، يجعلني أتمنى أن يحظى جميع الأطفال بمثله، لكن مع الأسف ليس كل الأطفال تتاح لهم فرصة وجود الأب أثناء العيد وعدم ارتباطه بعمل، كما أن طبيعة والدي حفظه الله ونظرته الإيجابية إلى الأمور التي تضفي الجمال على كل شيء، ودعوتنا إلى الاستمتاع بما سخر الله لنا من نعم، مما يكسب الأشياء والمواقف طعماً خاصاً يمنح السعادة من أشياء بسيطة، وليس كل الآباء لديهم هذه الميزة.
إن قيام البعض بالتصدق بأضحياتهم إلى الفقراء في أنحاء العالم عن طريق دفع ثمنها للجمعيات والمؤسسات الخيرية، وإن كان مما يؤجرون عليه، إلا أنه يحرم الأطفال متعة الاحتفال بخروف العيد، كما يحرم المحتاجين في نفس البلد من اللحم الذي ينتظرونه سنوياً، وقد يجعل عادة تبادل أجزاء اللحم بين الجيران والأقارب تنقرض تدريجياً، وهي من السنن المؤكدة والعادات الجميلة التي يجب المحافظة عليها.
أذكر مرة أن كنت وأطفالي الصغار في شقة في مدينة جدة أثناء وجود زوجي في مهمة عمل، فانتظرنا أن يطرق بابنا أحد الجيران بقطعة لحم تشعرنا بالعيد، لكن طال انتظارنا دون جدوى فطبخنا دجاجة أزدردناها آسفين، وكانت درساً لنا تذكرنا كل عيد بوجود أناس ينتظرون جزءاً من الأضحية ولو كان يسيراً فليس الكل بقادر على أن يذبح أضحية يوم العيد، إما لحاجة أو لعدم تيسر الظروف.
كما أن غلاء الأسعار حرم بعض الناس أكل اللحم إلا في المناسبات، فتجدهم يتطلعون إلى يوم عيد الأضحى المبارك لأكله. ليتنا نحافظ على عادة ذبح الأضحية في بلادنا وعلى أن يكون ليوم عيد الأضحى المبارك معنى خاص وللحم فيه طعم مميز، فاستمتاع الأطفال والكبار به يجعل فقده نقصاً يصعب تعويضه، وإذا كان الشخص سيضحي بأكثر من واحدة، فلا بأس أن يجعل إحداها لفقراء المسلمين خارج البلاد.
[email protected]
منقوووووول