أبشر بطول سلامةٍ يا مربعُ!
[]
[/]
وكما توقعنا جاء الرد على مقتل الإرهابي قاسم سليماني ضعيفاً وهزيلاً ولمجرد حفظ ماء الوجه، عدة صواريخ تنكية لم تصب حتى عصفوراً فضلاً عن إنسان؛ فإيران – في حقيقتها – أعجز من أن تشعل حرباً حقيقية مع الولايات المتحدة ستكون نهايتها الحتمية هزيمة إيرانية نكراء، كما أن ذراعهم الأهم حزب الله اللبناني هو الآخر لن يجرؤ كذلك على الدخول في حرب مع إسرائيل؛ لأن أي حرب بين إسرائيل وحزب الله سيكون ثمنها باهظاً وباهظاً جداً، خاصة أن لبنان يمر بأزمة اقتصادية خانقة تجعل أي حرب مع إسرائيل تزيد من أزمته، وقد تصل به إلى درجة الانهيار الكامل.
كما أن الميلشيات التابعة لإيران في العراق ستؤدي بها من قبل الأمريكيين إلى ضربات عنيفة لن تبقيَ ولن تذر، فهي لا تملك إلا ذات الصواريخ التنكية وطائرات يتم إسقاطها ببندقية صيد، وكل ذلك لم يكن بمستوى الرد المزلزل الذي توعد به الإيرانيون الأمريكيين كما وعدوا أنصارهم.
كل ما ذكرتُ آنفاً يثبت أن الإيرانيين عاجزون تماماً عن رد انتقامي موازٍ لمقتل سليماني، ودعك من التصريحات العنترية والجعجعة التي يطلقها ملالي إيران بتضخيمهم للرد، رغم أنه لا يعدو أن يكون مسرحية لألعاب نارية لا قيمة لها.
الحقيقة الوحيدة التي على الإيرانيين مواجهتها هي أن مقتل هذا الإرهابي كانت ضربة في الصميم من شأنها إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، وتبعاتها ستكون ايجابية جداً لدول الجوار، ودول الخليج بالذات، وسلبية بكل المقاييس للملالي ولمشروعهم التوسعي.
الآن، وأمام تلك الحقائق، ليس في مقدور الإيرانيين سوى العمل على إخراج الأمريكيين من العراق للسيطرة على زمام الأمور فيه، ولكن هل ينجحون في إخراج الأمريكيين والتفرد بالعراق؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضع شرطاً تعجيزياً لتنفيذ هذا الطلب فحواه أنهم مستعدون للخروج إذا سدد العراقيون تكاليف القواعد التي أنشأها الأمريكيون في العراق، وهذا بلا شك شرط تعجيزي، بمعنى أنهم ليسوا في وارد الخروج وترك الساحة لإيران وميليشياتها.
وبعيداً عن التجاذبات بين الطرفين، فالأمريكيون على ما يبدو قد اتخذوا قراراً لتقليم أظافر الإيرانيين، واستنزافهم، حتى يأتوا مضطرين إلى طاولة المفاوضات، وينقلون بلدهم من حالة (الثورة) إلى مرحلة (الدولة)، وإلا فانهيار كامل لدولتهم هو في انتظارهم؛ أضف إلى ذلك أن قراراً أمريكياً قد اتخذ لإعادة تشكيل مراكز القوى في الداخل العراقي بالشكل الذي يُكبل قدرات ميليشياتهم العاملة في العراق إلى الحد الأدنى، بحيث تكون قدرتهم على المناورات السياسية محدودة، وغني عن القول إن الأمريكيين إذا اتجهوا إلى هذا الاتجاه فسوف يجري تطبيقه على الأرض قسراً، ورغم أنوفهم، ومن خلال ما رشح من تصريحات فإن الدول الأوروبية الثلاث بريطانيا وفرنسا وألمانيا بدوا في الآونة الأخيرة أقرب إلى توجه الولايات المتحدة، ما يؤكد أن العالم الغربي قد اتخذ هذا القرار الاستراتيجي من وراء الكواليس.
لم يبقَ للإيرانيين إلا التلويح بالعودة إلى التهديد برفع درجات تخصيب اليورانيوم إلى الدرجة التي تؤهلهم للحصول على السلاح النووي. وهذا دونهم ودونه خرط القتاد، حتى لو اضطر المجتمع الدولي لاستخدام القوة المسلحة.
مسرحية الرد على مقتل سليماني أفصحت بوضوح عن قوة إيران التي يتباهون بها، فليس ثمة إلا جعجعات وادعاءات وتهديدات إعلامية، أشبه ما تكون بزوبعة في فنجان. وهو يذكرني ببيت الشعر العربي الشهير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً
أبشر بطول سلامة يا مربعُ
إلى اللقاء
نقلا عن الجزيرة محمد آل الشيخ
صفحة جديدة 2