حيدر عبدالله يكشف عورة الوعي
جمعان الكرت -
حين تسنم هامة الشعر، ومسك تلابيب الألق البياني، وحاز لقب شاعر المليون، لم يكن بوصاية من أحد؛ جدارته وألقه الشعري هما اللذان أوصلاه إلى منصة الشرف متجاوزًا عشرات الشعراء الذين يطمحون للطموح نفسه. وحين لُقّب بأمير الشعراء في الموسم السادس من المسابقة، وحاز بردة شاعر شباب عكاظ لعام 2003 م، والأول في مسابقة ابن المقرب الأدبي، والثاني عربيًّا في جائزة ديوان العرب التابعة لمؤسسة البابطين في الكويت، والأول في مسابقة جازان الأدبية، فإننا نقف احترامًا وتقديرًا لهذا الشاعر الشاب الذي "وُلد وفي فمه ملعقة من الإبداع" كما قال عنه الشاعر جاسم الصحيح؛ فهو يعجن مفردات اللغة؛ لتكون مطواعة بين يديه؛ ليحيلها إلى قصائد باذخة الجمال، كعرائس أنيقات، أو ورود نضرة في حقل بهي، أو كأحصنة تشتاق أقدامها لمسابقة الريح، أو كماء يجري بين أعطاف الجبال.. شاعر له فلسفته العميقة.
اكتسب هذا الشاعر الملهم من النخل شموخه وبهاءه، ومن عيون الأحساء نميره، ومن الهندسة تنظيم فكره والتأني في اختيار مفردات لغته؛ لينيخ الإبداع ركابه، وتكون قصيدته متفردة.. له خطه الشعري الخاص، سواء في القصيدة العمودية أو التفعيلة أو القصيدة النثرية.. مدهش حق الإدهاش.. له بصمة متميزة في الإلقاء.. الهدوء البعيد عن صخب الصوت وضجيجه. ولكون الشاعر حيدر أصبح عَلَمًا ورمزًا شعريًّا، وبلغ من المجد مكانًا مرموقًا، فإن الساعين للشهرة يحرصون على النيل منه برميه بفج الكلام، وهذا - مع الأسف - يعطي مؤشرًا سلبيًّا عن مستوى الوعي الفكري والثقافي، وعدم احترام النابغين والنابهين.
ولا يختلف اثنان في أن الشاعر حيدر بز غيره من الشعراء، وشكل له خطًّا مميزًا؛ ليصنَّف كواحد من الشعراء المجيدين. وما قصيدته التي وسمها بـ(مخطوطة القرى والظلال) إلا واحدة من عيون الشعر، تحمل كل معاني الجمال، الهدوء، الاخضرار، الاحترام، حب الوطن، الانتماء الصادق والحب بكل معانيه..
وردتان من شعر حيدر:
وردة نرتدي شذاها وقبرا ** نشتهيه إذا الحِمامُ اشتهانا
وستحيا البلاد شعبا وأرضا ** طالما كان شيخنا سلمانا
صفحة جديدة 2
__________________